الاثنين، 1 يوليو 2019

لماذا نكتب؟ عن الكتابة وأهميتها في حياتنا


لماذا نكتب؟  عن الكتابة وأهميتها في حياتنا



"كان يرى الحياة من اجل البذل والعمل فقط، ولا يمكن لإنسان محترم أن يعيش في هذه الدنيا دون أن يمد يد المساعدة إلى الآخرين، كانت قدماه مثل كثيرين منهم، راسختين في الأرض اليابسة ولكن جزءًا من روحه كان يهرب إلى هواة الاحلام، وكان يرى في المرض صحة وفي المرح ابتذلاً، كان يورد في أحادثه أمثالا حاسمة ويرد على أي سؤال بسؤال آخر، ولهذا لست أعرف الكثير عن أيديولوجيته ومالا أسوغه في كلمات وأدونه على الورق سيمحوه الزمن".

أثارني هذا النص مثل بقية النصوص من رواية باولا للكتابة إزبيل الليندي عندما ذكرت أكثر من مرة في روايتها أن الزمن يبيد الذكريات ويمحيها ولا تبقيها إلا الكتابة، وقد بدأ لي سبب مجيد لجعل مزاولة الكتابة في جذوتها مُقتده بين الفترة والأخرى ولنقل إنه السبب الرئيسي لجعلي أفتح هذه المدونة، كي يكون الأمر رسمياً وثابتاً في مكان ما وليس مجرد أفكار محبوسة بين الأوراق وغير مترابطة هنا وهناك أو في ملاحظات الجهاز المحمول. تُعد الكتابة وسيلة تواصل من أوج فجرِ العصر القديم إلى يومنا هذا، حيث تجد الأمر تحور من ريشة إلى كيبورد. وهّنا عندما أكتب هذا فأني أشيد كل إنسان سواء كان عالماً أو فرداً بسيطاً لمزاولة الكتابة لما فيها من أهمية عظيمة و زائدة يزيد فيها الإنسان حياته العملية و الاجتماعية والدينية، وقد يُحدث البعض نفسه أن لغته العربية ليست فصيحة كما ينبغي للممارسة الكتابة السليمة، وهنا أطرح أمراً لطيفاً قيل عن اللغة الفصحى : الفصحى من فصح ويقال أفْصح الرجل القول، أي قال ما جال في جوفة بِصدق فإذا أصبح الأمر جلياً واضحاً مفهوما فهو فصيح وهو أمر نسبياً بالطبع، وقد نذكر هُنا أهمية القراءة وأخص بذلك الأدب العربي والقرآن الكريم ، فالقراءة تصقل لغتنا وتجودها  والقرآن ببلاغته كافل  بتقويم اللسان، وتجربتي في الكتابة متواضعة ولكنها دائماً تذكرني بأهميتها كُلما أرى أثرها علي، ففي الجامعة كُنت أدون الملاحظات والمحاضرات وهذا ما يفعله أغلب الطلاب الجامعيين وكُما هو معروف أن الكتابة تثبت المعلومة وترسخها فتصبح ليست مجرد معلومة عالقة بالهواء ولكن مُرسخة بالذاكرة أيضاً، إضافة إلى ذلك كُنت أدون الأحداث التي تحدث في الجامعة والمنزل لي وأصوغها وربما أعلق عليها، وهذا الأمر جعلني ألجا للكتابة كصديق لا يمل من استماع أحاديثي المملة، وقد ساعدني هذا الأمر من تحديد مواقفي ومبادئي وفهم نفسي أكثر، وقد كانت تمرُ علي الأيام وأنا أذكر جميل الناس علي فلا أنكره ، وقد تذكرني الكتابة بما فعلوا مُسبقاً فأحذرهم وليس المقصد هنا الحقد ولكن الوعي بما من هم حولنا. وقد كتب ليون برخو مقالة بعنوان " اكتب كي لا تنسى لغة الضاد" ، كتب فيها أن السويد جعلوا إتقان اللغة الوطنية وعلى الخصوص المهارات الخاصة بالكتابة السليمة شرطاً أساسياً للقبول في الجامعات، يؤمن السويد بأن  الحفاظ على لغتهم الوطنية يبدأ من المدرسة وينتهي بالمدرسة، أنه من المحزن أن اللغة العربية لم تعد تتلقى تلك الحفاوة في كثيرٍ من الأوساط وذلك أمر جلي لا يخفى  على احد ألا وهي العولمة وهيمنة الغرب ؛وأستثني من هذه الفئة ، الفئة الواعية الجذلة المُتمسكة بهويتها المُعتزة بلغة الضاد، فقد تذهب إلى مكان لتتلقى حصة رياضة وأنت في مسقط رأسك و يترأى عليك مشهد مواطن يتكلم بِلغة غير لغته! أنه من المحير أن لا يشعروا أفراد هذه الموطن بالغرابة، وهنا لا أقصد بإهمال اللغات الأخرى بل بالعكس يجب علينا أن نتقن اللغات الاخرى ونجيدها، ولكن لا تكون على حساب لغتنا وهويتنا، كي لا ننفد بعد ذلك ويخرج لدينا أجيال جاهلين بلغتهم وهويتهم.
الكتابة  لها صوت موسيقي هادئ ذات نسق رتيب تبوح فيه بالحقيقة وتحررها فعندما تكتب فأنت تدلو دلوك وتسْتطرد منه ما  ارتاعت مُحصلتك من كلمات وتتوال الكلمات ويحدث سيلان للجمل فتتوارد النصوص وتصاغ الأفكار وتنصب في مصبها فيخرج النص كالنبتة تتشعب وتفتح مغاليق الأسرار، فيظهر نص فني وُلد من بذرة أفكارك ،وكما ذكرت سابقاً بأن أيامنا منسية في غيابة الجب مالم ندونها، فالكتابة تُخلد روحك، فقد تموت وقد تقرأ نصوصك وتحيى على مدار الزمان، وكما هو المعلوم فإن الكتابة تثبت القيم والمبادئ ،فاللغة العربية لغة عريقة ويرجع ذلك بالطبع إلى حفظ القران، فعندما تكتب قيمك في دفتر ما فأنت ترسم لنفسك مسار تبغاه وتسير في خطاه. أنهي مقالتي القصيرة بأن الكتابة مُحصلة وتجربة فريدة خاصة جداً للفرد وذلك بسب تجرد النفس البشرية وتحررها بالنصوص، وقد كتبت ذات مرة تغريده أحفظها عن ظهر قلب وفيها أقول الكتابة لا تجعلني جلية فحسب، بل أنها تثبت أيامي من الضياع في الذاكرة النسيان وكأن أيامي أصبح لها معني عميق بعدما دونت أني لممتنة لتلك السويعات التي اشتدت رغبتي بالاعتراف بما لا أقوى على نطقه بلساني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Why westerns are more vocal about Palestine?

    As the events of October 7 unfold, we find ourselves reflecting on the past year Throughout this period, one question has lingered in m...